أيها الأمازيغ المخدوعون.. الفرنسية ليست غنيمة حرب بل ضريبة حرب

Maziɣ Mubarik Belqasem 

Maziɣ Mubarik Belqasem

مازيغ مبارك بلقاسم

12-04-2024
“الفرنسية غنيمة حرب” مقولة غبية بهلوانية منسوبة للكاتب الجزائري كاتب ياسين Kateb Yacine الذي كان يكتب دائما بالفرنسية.
في هذا المقال سأبين لكم بالمنطق مدى سذاجة وغباء هذه المقولة العجيبة وكيف تستعمل لتدمير اللغة الأمازيغية وتأبيد التبعية لفرنسا، بل وأيضا لتبرير استيطان اللغات الأجنبية بالمغرب بما فيها الفرنسية والعربية والعبرية والإسبانية بذريعة “الانفتاح” حينا وبذريعة “المصلحة الوطنية” حينا آخر.
1) شغل عقلك قليلا يا أيها الأمازيغي المخدوع:
إذا ضحكوا عليك أيها الأمازيغي بمقولة “الفرنسية غنيمة حرب ربحها وانتزعها الأمازيغ من فرنسا” فحاول أن تشغل عقلك عبر التفكير في هذه الأسئلة التالية:
– سؤال: “الغنيمة” هي ما ينتزعه الغالب من المغلوب عنوة بدون رضى ولا موافقة المغلوب. فهل اعترضت فرنسا يوما على استعمال الأمازيغ للغة الفرنسية وجعلها تسيطر على البلدان والشعوب الأمازيغية؟
*** الجواب: لا. فرنسا لم تعترض ولم تحتج يوما على استعمال الفرنسية من طرف الأمازيغ، لا خلال الاستعمار ولا بعده. بل بالعكس، تعتبر فرنسا انتشار الفرنسية لدى الأمازيغ وهيمنة الفرنسية على بلدان الأمازيغ انتصارا فرنسيا باهرا وغزوة ناجحة للإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية ما زالت تجني فرنسا أرباحها إلى يومنا هذا. إذن، الفرنسية ليست “غنيمة حرب” ربحها وانتزعها الأمازيغ من فرنسا، وإنما الفرنسية “ضريبة حرب” أو “جزية حرب” مفروضة على الأمازيغ ويؤديها الأمازيغ إلى فرنسا عن يد وهم صاغرون.
– سؤال: هل يعقل أن تنفق الدول الأمازيغية (المغرب، الجزائر، تونس، موريتانيا) عشرات ملايين الدولار سنويا على تدريس وترسيم وطباعة وترويج “غنيمة الحرب” هذه المسماة الفرنسية في بلدان الأمازيغ من أموال وعرق جبين الأمازيغ عبر كل الإدارات والمدارس والجامعات والإعلام والمطابع بينما اللغة الأمازيغية منبوذة مقهورة محقورة في بلدانها؟! عجيب حقا أمر هذه “الغنيمة الفرنسية” التي يجب عليك أن تنفق عليها من أموالك أيها الأمازيغي بعشرات ملايين الدولار كل عام!
*** الجواب: لا توجد “غنيمة حرب” ينفق عليها “الغانم” من ماله وعرق جبينه. بما أن الأمازيغ ينفقون عشرات ملايين الدولار على تدريس وترسيم وترويج الفرنسية في بلدانهم فإن الفرنسية ليست “غنيمة حرب” بل هي “ضريبة حرب” أو “جزية حرب” مفروضة على الأمازيغ ويؤديها الأمازيغ إلى فرنسا عن يد وهم صاغرون.
وكذلك العربية ليست “غنيمة حرب” بل هي “جزية حرب” مفروضة على الأمازيغ ويؤديها الأمازيغ إلى العرب عن يد وهم صاغرون عندما يجعل الأمازيغ العربية لغة رسمية لدول الأمازيغ وينشرون العربية في كل مدارس وجامعات وإعلام الدول الأمازيغية وينفقون على تدريس وترويج العربية عشرات ملايين الدولار سنويا من أموال الأمازيغ.
– سؤال: إذا كانت اللغة الفرنسية “غنيمة حرب ربحها الأمازيغ” فلماذا تنفق فرنسا إلى الآن مئات الملايين من الدولار لنشر اللغة الفرنسية أكثر وأكثر في المغرب والجزائر وأفريقيا والعالم؟! هل يعقل أن فرنسا تنفق كل هذه الأموال الهائلة فقط من أجل إقناع مزيد من الأمازيغ بالاستيلاء على “الغنيمة اللغوية الفرنسية الثمينة”!!!
*** الجواب: لا توجد غنيمة يقدمها إليك العدو الاستعماري عن طيب خاطر. الفرنسية هي سلسلة حديدية تلفها فرنسا على عنقك أيها الأمازيغي المخدوع لكي تبقى أيها الأمازيغي المخدوع تابعا لفرنسا ومستهلكا لمنتجات فرنسا وتدور في فلك فرنسا لغويا وثقافيا واقتصاديا وجيوبوليتيكيا.
والعربية هي سلسلة حديدية يلفها العرب والمسلمون على عنقك أيها الأمازيغي المخدوع لكي تبقى أيها الأمازيغي المخدوع تابعا للعرب سياسيا وتابعا لدينهم الذي هو الإسلام وخادما لمصالح العرب والإسلام، ولكي تدور أيها الأمازيغي دوما في فلك العرب والإسلام.
– سؤال: فرنسا تنفق الأموال سنويا على المعاهد الفرنسية الدولية التي تعلم الفرنسية للمغاربة والجزائريين وغيرهم. فهل يوجد شخص يعشق إهداء “الغنائم” للأجانب والغرباء والأعداء أو إغراء الأجانب بالأموال والمنح النقدية لأخذ “غنيمته”؟!
*** الجواب: الفرنسية ليست غنيمة. بل أنت أيها الأمازيغي المتفرنس هو غنيمة فرنسا. وأنت أيها الأمازيغي المتعرب هو غنيمة العرب. وأنت أيها الأمازيغي المتأسبن هو غنيمة إسبانيا.
– سؤال: لماذا يعارض الفرنسيون بكل شراسة أن تنتشر الإنجليزية والألمانية في بلدهم ولا يعتبرون الإنجليزية أو الألمانية “غنيمة حرب”؟!
*** الجواب: لأن الفرنسيين ليسوا أغبياء. الفرنسيون يرفضون أن تغزو اللغات الأجنبية بلدهم، ويرفضون أن تنقرض لغتهم الفرنسية، ويرفضون أن تتحول فرنسا إلى بلد تابع لألمانيا أو بريطانيا أو أمريكا.
– سؤال: لماذا تقوم فرنسا بحصار واحتواء وتقزيم لغاتها الأصلية المحلية (الأوكسيتانية، الكورسيكية، الباسكية، البريتونية، الألزاسية، الفلامانية…) خوفا من تراجع الهيمنة المركزية للغة الفرنسية في داخل فرنسا؟ ألا يجدر أن تكون تلك اللغات الأصلية “غنيمة” لفرنسا و”مكسبا” لها؟!
*** الجواب: لأن الدولة المركزية الفرنسية تريد تقوية نفوذ اللغة الفرنسية للحفاظ على قوة الدولة المركزية الفرنسية ومصالح الدولة المركزية الفرنسية.
– سؤال: ألم يدرس الفرنسيون والإسبان والإيطاليون اللغة الأمازيغية حين جاءوا إلى البلدان الأمازيغية تمهيدا لاحتلالها؟! أليست هذه غنيمة أمازيغية غنمها الأوروبيون من الأمازيغ؟!
*** الجواب: قام بعض الباحثين اللغويين والضباط العسكريين الأوروبيين بدراسة اللغة الأمازيغية فقط من أجل فهم نقط ضعف وقوة الدول والشعوب الأمازيغية أو لأهداف أكاديمية لسانية محدودة. ولكن الدول الأوروبية لم تقم أبدا بتمزيغ مجتمعاتها الأوروبية. أما ما يفعله أغبياء الأمازيغ اليوم من تعريب وفرنسة وأسبنة للمجتمعات الأمازيغية فهو استسلام للاستعمار الأجنبي وتمجيد لذكرى الاستعمار بعد رحيله وتخليد لتبعية الأمازيغ للاستعمار الأوروبي والعربي الإسلامي.
– سؤال: ما بال الفلسطينيين لا يقولون أبدا أن “اللغة العبرية غنيمة حرب ربحها الفلسطينيون من الاحتلال الإسرائيلي”؟!
*** الجواب: لأن الفلسطينيين ليسوا أغبياء. الفلسطينيون يفهمون أن استسلامهم للغة العبرية الإسرائيلية يعني استسلامهم للحكم الإسرائيلي والنفوذ الإسرائيلي.
– سؤال: أليس المغلوب هو الذي يتبنى لغة الغالب ويخضع للغة الغالب ويفتخر بمهارته في لغة سيده الغالب؟
*** الجواب: نعم. المغلوب المهزوم المستسلم يتبنى لغة الغالب ويتفنن في الذوبان فيها فتأتيه هلوسات غريبة وتخيلات عجيبة تجعله يظن ويتوهم أنه انتصر على سيده الغالب واستولى على لغة سيده الغالب كـ”غنيمة حرب”.
أما إذا أراد المغلوب أن يتحرر فكريا وحضاريا وسياسيا من سلطة الغالب فإنه يخالف العدو في لغته ودينه وهويته وقوميته وثقافته، ولذلك يتخلى المغلوب المقاوم المتمرد عن لغة الغالب ويطردها من بلده ويبدأ في ترويج لغته الأمازيغية القومية لتكون اللغة الوحيدة المسيطرة على بلده الأمازيغي. والسبيل الفعال لإنجاز ذلك هو تأسيس الدولة الجمهورية الأمازيغية التي تطبق سياسة التمزيغ اللغوي والحضاري والثقافي والقومي.
2) أيها الأمازيغي المخدوع! أنت ضحية “الاستيطان اللغوي الفرنسي” و”الاستيطان اللغوي العربي”
ولكن لماذا قال الكاتب الجزائري كاتب ياسين Kateb Yacine الذي كان يكتب دائما بالفرنسية هذه المقولة الغبية: “الفرنسية غنيمة حرب”؟
هل يعقل أن لغة المستعمر المعتدي غنيمة ربحها الشعب الأمازيغي المعتدى عليه والذي تم تهميش لغته الأمازيغية الأصلية؟
طبعا لا. الفرنسية ليست غنيمة حرب. والعربية ليست غنيمة حرب.
بل الأمازيغ هم الغنيمة الثمينة التي ربحها العرب وفرنسا وإسبانيا ويتقاسمونها فيما بينهم.
أما الجزائري كاتب ياسين Kateb Yacine فقد قال أن “الفرنسية غنيمة حرب” لأنه كان يشعر بأزمة تناقضه الداخلي المتمثل في كونه أمازيغيا عاجزا عن التأليف بالأمازيغية ومضطرا إلى التأليف بلغة المستعمر الفرنسي حتى بعد رحيل جيش الاستعمار الفرنسي بمدة طويلة. وبجانب ذلك كان أيضا يتجادل مع التعريبيين والإسلاميين الذين كانوا يعايرونه ويشتمونه ويتهمونه بتهمة التبعية للغة الفرنسية ويريدون منه أن يروج العربية بدل الفرنسية.
فالسيد كاتب ياسين كبقية الجزائريين (والمغاربة) المتعلمين بالفرنسية كان موقفه مضادا للاستعمار الفرنسي الدموي ومضادا أيضا للنزعة التعريبية التي يروجها التعريبيون والإسلاميون، وفي نفس الوقت هو يعشق الفرنسية ويكتب بها صباح مساء، مقابل عجزه عن تعلم اللغة الأمازيغية وعجزه عن التأليف بها. فكيف يقوم كاتب ياسين بحل هذا التناقض المؤلم وهذه العقدة الموجعة؟ الجواب: بتحويل العجز الفعلي إلى انتصار كلامي!
الشيء الطبيعي الذي يقوم به أي مواطن يعارض دولة استعمارية هو أن يقاطع لغتها وبضاعتها وإعلامها وديانتها وفقهاءها وكهنتها وكتبها وجرائدها ومواقعها الإلكترونية وأن لا يزورها ولا ينفق وقته ولا ماله عليها. والشيء الطبيعي هو أن يقوم ذلك المواطن ببذل المجهود لتعلم وتعليم وترويج لغته (الأمازيغية) كشكل من الأشكال المقاومة والاستقلال وبناء الحضارة الوطنية المستقلة.
أما الشيء الغبي والغريب والصادم للعقل فهو أن يقوم الشخص المضاد للدولة الاستعمارية بتبني لغة تلك الدولة الاستعمارية وأن يكتب بها صباح مساء زاعما أنها غنيمة حرب غنمها من الدولة الاستعمارية المجرمة!
فهذا ما يفعله الأمازيغ إلى اليوم. يقنعون أنفسهم بأنهم الآن في 2024 ما زالوا يقاومون الاستعمار الفرنسي عبر الذوبان في اللغة الفرنسية! ويقنعون أنفسهم بأنهم في 2024 ما زالوا يقاومون الاستعمار العربي الإسلامي عبر الذوبان في اللغة العربية!
ويقول بعض السذج الأمازيغ بعض المقولات الغبية مثل: “نستعمل الفرنسية لنقول لفرنسا أننا أمازيغ” أو “نستعمل العربية لنقول للعرب أننا أمازيغ”.
يا سلام على الغباء. ومن قال لك بأن الفرنسيين والعرب مهتمون بقصتك المأساوية أو بمعاناتك الهوياتية؟ أليس من الأجدر أن تبني حضارتك بلغتك الأمازيغية مثلما تفعل كل شعوب العالم؟!  أليس من الأجدر بك أن تتجاهل الفرنسيين والعرب تماما وأن تجعل أفعالك وحضارتك تتكلم تلقائيا بقوة وجودها وقوة لغتها الأمازيغية المستقلة؟!
أما إذا أردت أن تلقن الفرنسيين أو العرب “درسا” فيجدر بك أن تخاطبهم بلغة تخالف لغتهم أي أن تخاطبهم بالأمازيغية أو بالإنجليزية وتقول لهم بأنك أمازيغي وأنك ترفض استعمال لغتهم.
وعندما تبني أو تنتج شيئا باللغة الأمازيغية فسيأتي الأجانب من تلقاء أنفسهم ليتعلموا اللغة الأمازيغية بمحض إرادتهم لكي يفهموا ذلك الشيء أو ليستفيدوا منه. فهذا ما يحدث في كل دول العالم من تركيا إلى كوريا ومن أمريكا إلى سريلانكا.
وحتى لو افترضنا أن الدولة المغربية أو الجزائرية المستقلة في الخمسينات والستينات من القرن العشرين كانت بحاجة إلى لغة أوروبية لتدريس العلوم وتدبير تجارتها الدولية فإن اللغة الإنجليزية كانت أصلا أقوى لغة في العالم علميا وتجاريا قبل استقلال المغرب والجزائر بوقت طويل طيلة القرن العشرين والقرن التاسع عشر.
فالمعلوم أن الإمبراطورية البريطانية (بلغتها الإنجليزية) كانت أقوى دولة في العالم منذ القرن الثامن عشر أو التاسع عشر. ثم انضافت أمريكا طبعا لتضاعف وزن اللغة الإنجليزية عالميا أضعافا مضاعفة.
وبالتالي فقليل من الإرادة الشعبية والاجتهاد الحكومي كان آنذاك وما زال إلى الآن كافيا لطرد الفرنسية والإسبانية والعربية من المغرب والجزائر في ظرف خمس أو عشر سنوات واستعمال الإنجليزية والأمازيغية بجانب تمزيغ الدولة والمؤسسات تمهيدا للتخلي عن الإنجليزية أيضا وعن كل اللغات الأجنبية الأخرى.
ولكن ماذا نقول ونحن نعلم أن النظامين المغربي والجزائري خائنان عميلان للأجانب وتابعان لفرنسا والعرب ورهنا مستقبل المغرب والجزائر بفرنسا وفلسطين وإسرائيل وحزب البعث والفرنكوفونية، ويمارسان سياسة التعريب والفرنسة إلى يومنا هذا!
فالنظام الجزائري العسكري الفاسد ما زال كلبا وفيا للعروبة والفرنكوفونية يطبق سياسة التعريب والفرنسة، حتى لو تظاهر مؤخرا بشكل سطحي بترويج الإنجليزية في التعليم أو الميدان العمومي وببعض الترويج والتدريس السطحي للأمازيغية.
والنظام الملكي المغربي الفاسد هو أيضا ما زال كلبا وفيا للعروبة والفرنكوفونية يطبق سياسة التعريب والفرنسة، ومؤخرا أضاف أيضا سياسة الأسبنة في المغرب (ترويج الإسبانية في إطار سياسة التطبيع المغربي مع الاحتلال الإسباني) وسياسة العبرنة في المغرب (ترويج العبرية في إطار التطبيع مع دولة إسرائيل).
أما تدريس الإنجليزية في المغرب فهو كما في الجزائر: فرقعة إعلامية وتدريس هامشي لا يمس أبدا بهيمنة الفرنسية والعربية ولا يمس بوفاء النظامين المغربي والجزائري للعروبة والفرنكوفونية، ولا يتم تدريس العلوم بالإنجليزية في المغرب إلا لنخبة صغيرة من أبناء الأثرياء. وأما تدريس وترسيم الأمازيغية في المغرب فهو أيضا شكلي وديكوري مثل الجزائر.
وزيادة على ذلك فإن ترويج اللغة الإسبانية في المغرب تطبيع صارخ مع الاحتلال الإسباني تنفذه المملكة المغربية الخائنة وسط استسلام مشين وتهافت مخزي من طرف أغلب الأمازيغ/المغاربة المخدَّرين بأحلام الهروب إلى إسبانيا وفانتازيا كرة القدم الإسبانية.
“الأمازيغ الأحرار” بسلامتهم ما زالوا إلى الآن يقولون في غباء عجيب بأن “الفرنسية غنيمة ثمينة ربحها الأمازيغ” وأن “العربية كنز سماوي مقدس نزل عليهم من سبع سماوات” وأن “الإسبانية لغة انفتاح وتلاقح حضاري”!
السلوك الطبيعي لأي مواطن ومثقف وطني يعادي ويعارض الاستعمار الأجنبي هو أن ذلك المواطن أو المثقف الوطني سيبذل قصارى جهده لمحو وإزالة لغة المستعمر (الفرنسي، الإسباني، العربي…) من بلده وجعل اللغة الوطنية (الأمازيغية) تنتشر وتسيطر على الدولة الوطنية وكل مؤسساتها. وسيبذل قصارى جهده صباحا ومساء لدراسة وتدريس اللغة الأمازيغية وجمع التبرعات لبناء المدارس الأمازيغية (مثلما يتقن المغاربة جمع التبرعات لبناء المساجد والكتاتيب في المغرب وأوروبا).
وإذا قاطع الأمازيغي لغة المستعمر (الفرنسي، الإسباني، العربي) فإنه يكون بذلك قد انتصر على المستعمر انتصارا نهائيا بأن أفشل “الاستيطان اللغوي العربي الفرنسي الإسباني” وضرب مشاريع الاستعمار (الفرنسي، الإسباني، العربي) في الصفر وأحبطها وأفشلها نهائيا. وبذلك تكون كل مجهودات الاستعمار محذوفة من الوجود. ذلك هو الانتصار الوطني الحقيقي.
أما ما نلاحظه في المغرب والجزائر من بحبوحة النعيم التي تعيش فيها الفرنسية والعربية وتبهديلة الجحيم التي تعيش فيها الأمازيغية فلا يظهر لنا إلا هزيمة لـ”الأمازيغ الأحرار” يحاولون تبريرها بألاعيب كلامية مضحكة من قبيل “الفرنسية غنيمة حرب” و”العربية لغة العبادات والشعائر” و”الإسبانية لغة الجار الصديق” لتعزية أنفسهم أو لتبرير استسلامهم للغات الأجنبية الفرنسية والعربية والإسبانية.
فالإنسان حين يحاول تبرير عجزه أو تناقضه دون أن يظهر ضعيفا فإنه يقوم بالهروب إلى الأمام وقول أشياء غبية أو متناقضة أو بهلوانية.
مقولة “الفرنسية غنيمة حرب” هي محاولة بهلوانية للهروب إلى الأمام ومحاولة لإخفاء الضعف وإخفاء قلة الحيلة.
فالضعف المقصود هنا هو عجز المغربي أو الجزائري عن تعلم الكتابة والتأليف باللغة الأمازيغية.
وقلة الحيلة هي عدم معرفته بكيفية تغيير الواقع اللغوي العربي الفرنسي لصالح الأمازيغية.
والمعروف أن الأمازيغ البالغين (سواء كانوا ناطقين أو غير ناطقين بالأمازيغية شفويا) يجدون إلى اليوم في 2024 صعوبة في تعلم التعبير الكتابي والتأليف والإنتاج باللغة الأمازيغية لأسباب من بينها:
– ضعف الهمة وقلة الحافز أمام طوفان الإعلام العربي الفرنسي الإسباني المجاني في الجرائد والراديو والتلفزة والإنترنت، حيث أنهم يستهلكون وقت يومهم في قراءة وسماع ومشاهدة البرامج والفيديوهات العربية أو الفرنسية أو الإسبانية،
– انعدام المدارس والدورات الأمازيغية التعليمية للشباب والبالغين،
– انعدام الكتب الأمازيغية التعليمية الجيدة المبسطة بيداغوجياً،
– عدم رغبة الأمازيغ في جمع الأموال والتبرعات لبناء مدارس اللغة الأمازيغية مثلما يجمعون الأموال والتبرعات لبناء آلاف المساجد وآلاف المدارس القرآنية التعريبية ومثلما ينفقون الأموال لتدريس الفرنسية لأولادهم.
– احتقار المجتمع الأمازيغي المتأسلم المستعرب المتفرنس لكل من يتعلم الأمازيغية أو يكتب بها.
لهذا يلجأ كثيرون من الأمازيغ إلى ذرائع غريبة مضحكة ومقولات عجيبة تسبب القهقهة من أجل إخفاء عجزهم عن تعلم التأليف بالأمازيغية ولتبرير ارتمائهم في أحضان الفرنسية والعربية والإسبانية من قبيل:
“الفرنسية غنيمة حرب انتزعناها من فرنسا!” أو
“نحن أمازيغ ولكننا مسلمون نعشق العربية!” أو
“نحن أمازيغ عربنا الإسلام!” أو
“الإسبانية نتلاقح بها مع الجار الإسباني” أو
“الأمازيغ منفتحون على اللغات الأخرى منذ قديم الزمان!”
وغيرها من المقولات البهلوانية المغلوطة الغبية المتذاكية المثيرة للشفقة التي يستعملونها لتعزية أنفسهم وتبرير استسلامهم لكل ما هو أجنبي وللتغطية عن عجزهم (أو كسلهم) عن تعلم التأليف بالأمازيغية.
الحافز الشخصي هو لب الموضوع.
فالإنسان قادر على فعل المعجزات إذا نجح في تحفيز نفسه أو نجح أحد في تحفيزه.
فهنالك أمثلة كثيرة لشعوب كانت لغاتها مهمشة ثم نجحت في القرن العشرين في نشر وإحياء لغاتها عبر العمل الجماعي وجمع التبرعات المالية وتغيير الأنظمة السياسية وشتى أشكال النضال السياسي واللغوي والاجتماعي الحقيقي. (نتكلم هنا عن النضال الفعلي الحقيقي وليس عن النضال الكلامي الاستعطافي الاستجدائي الفارغ التي تتقنه الحركة الأمازيغية).
بينما نلاحظ في الإعلام وفي مواقع الثرثرة الاجتماعية وفي الحياة اليومية آلاف بل ملايين المغاربة والجزائريين من المتعلمين والمثقفين المشهورين والمغمورين وغيرهم من المدونين يثرثرون منذ 20 أو منذ 30 سنة حول مشاكل اللغة الأمازيغية وحول الهوية الأمازيغية ولكنهم لم يكتبوا طيلة حياتهم مقالا واحدا ولا فقرة واحدة باللغة الأمازيغية. وطيلة تلك الـ 20 أو الـ 30 سنة لم يبذلوا أي مجهود في تعلم كتابة جملة واحدة مفيدة خالية من الأغلاط باللغة الأمازيغية.
لماذا؟ لأنهم:
– لا يجدون في أنفسهم رغبة أو حافزا في تخصيص نصف ساعة يوميا لتعلم التدوين والتأليف والتدرب على كتابة الجمل والنصوص باللغة الأمازيغية،
أو
– لأنهم لا يريدون شراء أو تحميل الكتب والقواميس الأمازيغية،
أو
– يجدون القواميس الأمازيغية معقدة لأنها غير موجهة للقارئ العادي بل هي موجهة للباحث الجامعي في اللسانيات وهي غالبا “فرنسية – أمازيغية” وصعبة على القارئ البسيط.
أو
– يجدون القواميس والكتب الأمازيغية التي تصدر في من طرف المعهد المغربي والمعهد الجزائري رديئة جدا متحجرة المحتوى وغير بيداغوجية ولا تساعد على التعلم.
أو
– أنهم مرتاحون إزاء الهيمنة الاستيطانية اللغوية الفرنسية العربية في المغرب والجزائر ويعتبرون الأمازيغية حقا وفعلا مجرد تقاليد قروية تدور حول الأغاني والأهازيج الفولكلورية والمأكولات التقليدية والملابس المزركشة والافتخار الفارغ بالهوية الأمازيغية القبلية العشائرية. أي أنهم مرتاحون جدا إزاء وضعية “الأقلية الأمازيغية” تحت الحكم العربي الفرنسي اللغوي والسياسي.
3) ماذا استفادت الشعوب الأمازيغية من الفرنسية والعربية والإسبانية؟
حتى لو أردنا أن نقيم ونحلل المنافع التي جلبتها الفرنسية والعربية والإسبانية إلى المغرب والجزائر فلن نجد إلا الفراغ. بل سنجد أموالا طائلة خسرها المغرب والجزائر في تدريس الفرنسية والعربية والإسبانية وفي استيراد ملايين كتب ومنتوجات العرب والفرنسيين والإسبانيين بلا أية منفعة فكرية أو حضارية تذكر. الكتب العربية والفرنسية والإسبانية في مجملها هي مجرد ورق تجاري مطبوع عربي فرنسي إسباني يشتريه الأمازيغ ويقتلون به وقتهم ولا يلبث أن يتحول إلى “ورق الزريعة” أو “ورق لتنظيف زجاج النوافذ” غافلين عن أنهم يستطيعون إنتاج نفس الشيء أو أحسن منه وباللغة الأمازيغية.
ونجد أمامنا اقتصادا مغربيا جزائريا مفلسا خربانا فاسدا لم تنفعه الفرنسية ولا العربية ولا الإسبانية.
ونجد أمامنا جيوش موظفي الدولة المعربين المؤسلمين المفرنسين الفارغة رؤوسهم من أي علم نافع لا ينتجون شيئا ولا يهمهم إلا أكل رواتب الريع وبلوغ السلم الرفيع وتمضية أيامهم في سبات شتوي إلى دخول الربيع.
ونجد أمامنا المغرب والجزائر وباقي البلدان الأمازيغية مجرد زبناء أذلاء مذلولين صاغرين للمنتوج الفرنسي والفيلم الفرنسي والكتاب العربي والمسلسل العربي والمنتوج الإسباني.
ونجد أمامنا في 2024 شعبا مغربيا جزائريا حراقا يحلم صباح مساء بالهجرة إلى فرنسا وأوروبا وبتوفير المال للحج والعمرة في السعودية استعدادا للهجرة (الحريك) إلى الجنة العربية.
ونجد أمامنا المغربيات يملأن خمارات الإمارات وأزقة السعودية حيث يعملن مومسات أو خادمات لدى العرب بفضل تعلمهن للعربية والمصرية واللبنانية والخليجية عبر المدرسة ومسلسلات التلفزة التعريبية.
ونجد أمامنا الأطر والمهندسين والطلبة المغاربة والجزائريين يهربون إلى أوروبا في أقرب فرصة تتاح لهم. أما الذين يديرون إدارات وثروات المغرب والجزائر فإنهم في غالبيتهم إما فاشلون أو فاسدون أو غير منتجين رغم أنهم درسوا بالفرنسية أو بالعربية في الجامعات المعربة والمفرنسة داخل أو خارج الدول الأمازيغية.
إذن فـ”سياسة التعريب والفرنسة” في المغرب والجزائر نجحت في تحويل “الأمازيغ الأحرار” إلى:
–         آلات تعريبية مفرنِسة هدفها تعريب وفرنسة ما تبقى من البشر والحجر والشجر، أو
–         عمال ومهاجرين يخدمون العرب وفرنسا وإسبانيا، أو
–         زبناء أوفياء لكل منتوج يأتي من العرب وفرنسا وإسبانيا.
إذن الأمازيغ أصبحوا غنيمة للعرب وفرنسا وإسبانيا.
و”سياسة التعريب والفرنسة” في المغرب والجزائر هي التي أنتجت لنا جيلا أمازيغيا معقدا هوياتيا مضطربا لغويا لقيطا قوميا يفتقر إلى الوعي القومي الأمازيغي ويريد أن يكون أكثر إسلاما من السعوديين أو أكثر عروبة من الإماراتيين أو أكثر فرنسية من الفرنسيين أو أكثر إسبانية من الإسبانيين.
و”سياسة التعريب والفرنسة” التي نفذها بنجاح نظام “زوج بغال” المغربي الجزائري أنتجت لنا جوقة المستكلخين والمستحمرين والمستبغلين الذين يرددون بغباء وبلاهة صباح مساء بل كلل ولا ملل: “الفرنسية غنيمة حرب ربحها الأمازيغ” و”العربية لغة الجنة والدين” و”الأمازيغ شعب منفتح منذ قديم الزمان”.
فلا اللغة الأمازيغية أنقذناها ولا الاقتصاد المغربي الجزائري طورناه ولا الدولة الديمقراطية الجمهورية أسسناها.
وفي وسط هذه الرداءة تمر السنوات والسنوات ويستسلم الإنسان الأمازيغي (مثقفا كان أو نصف متعلم أو أميا) للبحر التعريبي الفرنكوفوني الإعلامي والتعليمي الذي تغرقه فيه “سياسة التعريب والفرنسة” التي يطبقها النظامان السياسيان الخبيثان المغربي والجزائري.
ذلك أن “سياسة التعريب والفرنسة” تخلق في المجتمعين المغربي والجزائري حالة من “لالزومية” و”لامنفعية” اللغة الأمازيغية وحالة من التبعية المزمنة للعرب وفرنسا وإسبانيا.
4) الأمازيغ مستسلمون للتعريب والفرنسة والإمبريالية الفرنكوفونية التعريبية
إذا قمت أيها القارئ بتنبيه الأمازيغ إلى أن المشكلة الجوهرية التي تواجه اللغة الأمازيغية هي “سياسة التعريب والفرنسة” التي يطبقها النظامان الخبيثان المغربي والجزائري فإن هؤلاء الأمازيغ عادة يبدأون في التململ والارتباك والمراوغة لأنهم لا يستطيعون تصنيفك في خانة المعسكر الإسلامي العروبي (المعادي للفرنسية والأمازيغية) ولا في خانة المعسكر الفرنكوفوني (العميل ثقافيا وسياسيا لفرنسا) ولا في خانة معسكر الحركة الأمازيغية ذات المواقف الحنونة على اللغة الفرنسية بالذات والتي يقول مناضلوها الأمازيغ الأغبياء بأن “الفرنسية غنيمة حرب ربحها الأمازيغ”.
بمجرد أن تقول لمجموعة من أنصار الأمازيغية أن “مشكلة الأمازيغ هي سياسة التعريب والفرنسة وأنه يجب إيقاف التعريب والفرنسة معا” حتى يبدأ فريق منهم في الدفاع عن الفرنسية كلغة صديقة للأمازيغ ويبدأ فريق آخر في الدفاع عن العربية كلغة صديقة للأمازيغ. وهذا لأن أنصار الأمازيغية ينقسمون إلى طائفتين رئيسيتين:
– الطائفة الأمازيغية الأولى: وهي إسلامية عربية الهوى وأمازيغية اللغة أو الهوية. وهم يؤمنون بأن الأمازيغية والعربية لغتان شقيقتان يجب أن تتقاسما وطن الأمازيغ الذي هو ثامازغا. وهم يساندون نشر العربية في بلدهم ولا يرون فيها تهديدا للغة الأمازيغية. ولهذا يمتعضون ويتأففون إذا سمعوك تقول أن “مشكلة الأمازيغ هي سياسة التعريب والفرنسة”. فهم يريدون منك أن تقول: الأمازيغية والعربية جميلتان والفرنسية قبيحة!
– الطائفة الأمازيغية الثانية: وهي علمانية فرنكوفونية الهوى (أو علمانية إسبانية الهوى) وأمازيغية اللغة أو الهوية. وهم يؤمنون بأن الأمازيغية والفرنسية (أو الأمازيغية والإسبانية) لغتان شقيقتان يجب أن تتقاسما وطن الأمازيغ الذي هو ثامازغا. وهم يساندون نشر الفرنسية (أو الإسبانية) في بلدهم ولا يرون فيها تهديدا للأمازيغية. ولهذا يمتعضون ويتأففون إذا سمعوك تقول أن “مشكلة الأمازيغ هي سياسة التعريب والفرنسة”. فهم يريدون منك أن تقول: الأمازيغية والفرنسية جميلتان والعربية قبيحة!
أما أن تجد أحد أنصار الأمازيغية يعارض “سياسة التعريب والفرنسة” ويطالب بالتمزيغ فقط فهذا نادر جدا.
فالفريق الأمازيغي المناصر للفرنسة يعشق أن يضرب المثل بفرنسا ويقول لك إذا تبنينا الفرنسية فسنكون مثل فرنسا. ولكنه غفل عن أن سياسة الفرنسة حولت المغرب والجزائر إلى شيء أشبه بالسنغال والطوغو والكونغو!
أما الفريق الأمازيغي المناصر للعربية فهو يريد أن يكون بلده مثل الإمارات أو قطر أو الكويت أو السعودية (من حيث الرفاهية). ولكنه غفل عن أن سياسة التعريب حولت المغرب والجزائر إلى شيء أشبه بالسودان ولبنان والعراق واليمن!
5) الموقف الرسمي المضحك للنظامين المغربي والجزائري من الإنجليزية
إنه شيء مضحك حقا أن نسمع الوزراء في النظامين الدكتاتوريين الخبيثين المغربي والجزائري وهم يكتشفون منذ بضعة أسابيع أو بضعة أشهر أن الإنجليزية هي اللغة العالمية الوحيدة!
وهذا يشبه شخصا يكتشف في عام 2024 أن الكهرباء مهمة ونافعة!
والمضحك أكثر هو أن النظامين المغربي والجزائري يريدان الآن تدريس الإنجليزية كلغة إجبارية دون المساس بمكانة الفرنسية وإجبارية الفرنسية وامتيازات الفرنسية في المغرب والجزائر ولو بمليمتر واحد.
أغلب دول العالم اكتشفت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي أن الإنجليزية هي اللغة العالمية الوحيدة المهمة وبدأت منذ الخمسينات (1950) في تدريس الإنجليزية كلغة أجنبية وحيدة في مدارسها مع تدريس اللغة الشعبية المحلية الأم والتدريس بها.
أما نظام “زوج بغال” المغربي الجزائري فلم يكتشف أهمية الإنجليزية إلا حوالي 2023 أو 2024. بل وما زال نظام “زوج بغال” متمسكا بسيطرة الفرنسية والعربية على التعليم وما زال يساوم ويجادل ويتململ في مصير الأمازيغية ويعتبرها لغة ثانوية دستوريا وقانونيا وتعليميا تحت الهيمنة العربية الفرنسية.
وما زال نظام “زوج بغال” المغربي الجزائري يملأ الشوارع والإدارات والوثائق والتلفزة والراديو والإعلانات التجارية والرسمية بالكتابات الفرنسية والعربية في تفان وإخلاص قل نظيرهما للغة ليوطي ولغة قريش .
ولكن “الأمازيغ الأحرار” يستحقون ما يحدث لهم على يد نظام “زوج بغال” المغربي الجزائري العروبي الفرنكوفوني الوفي لفرنسا وحزب البعث العربي، ما دام “الأمازيغ الأحرار” يمدحون سياسات “زوج بغال” التعريبية الفرنكوفونية وما دام “الأمازيغ الأحرار” يؤكدون لنا يوميا بثقة عالية وبـ”تخراج العينين” أن الغزو اللغوي الأجنبي “انفتاح لغوي” وأن الاستيطان اللغوي الأجنبي “تعددية لغوية” وأن سيطرة الفرنسية والعربية على المغرب والجزائر مجرد “غنيمة حرب ربحها الأمازيغ”!
إذا كان “الأمازيغ الأحرار” يرفضون مواجهة النظام العروبي الفرنكوفوني حول سياساته الفاسدة ويتكاسلون حتى عن بذل المجهود في نشر وتقوية لغتهم الأمازيغية ويقبل نصفهم بالغزو اللغوي الفرنسي ويقبل النصف الآخر بالغزو اللغوي العربي بمبررات غبية مضحكة فلا تتوقعوا لـ”الأمازيغ الأحرار” إلا مزيدا من الهزائم والتبهدايل.
وإذا كانت الحركة الأمازيغية بالمغرب والجزائر تساند سياسة الفرنسة بالفم الملآن وبكل فخر واعتزاز، وإذا كان الأمازيغ الإسلاميون بالمغرب والجزائر يساندون التعريب بشراسة وعنجهية، والشعب الأمازيغي قابل وخاضع لـ”سياسة التعريب والفرنسة” التي يطبقها نظام “زوج بغال” المغربي الجزائري فلا تتوقعوا لـ”الأمازيغ الأحرار” إلا مزيدا من الهزائم والخيبات في المدى المنظور.
بل إن “الأمازيغ الأحرار” يخجلون من أن يطالبوا حاكم المغرب أو حاكم الجزائر أو حاكم تونس بمخاطبتهم بالأمازيغية.
ولا يجرؤ الأمازيغ على مطالبة حكامهم بالانسحاب من جامعة الدول العربية ومن منظمة الدول الفرنكوفونية.
ومن الأشياء المخيبة للآمال أن نرى انتشار العقلية الانهزامية لدى الأمازيغ بتأثير من النخب الثقافية الأمازيغية الفرنكوفونية الإسلامية الداعرة الفاسدة العميلة التي تنتصر لكل ما هو فرنسي إسباني عربي إسلامي وتخذل كل ما هو أمازيغي قومي وطني. فرغم أننا لاحظنا في السنوات والعقود الأخيرة انتشارا للوعي بالهوية القومية الأمازيغية في البلدان الأمازيغية فإنه وعي سطحي جدا فولوكلوري جدا ويقتصر غالبا على الرمزيات والشكليات والديكوريات والاحتفاليات.
وباستثناء المظاهر الشكلية من قبيل: رفع الرايات الأمازيغية، تكرار عبارة “أنا أمازيغي وأفتخر” (بالعربية والفرنسية وليس بالأمازيغية!) وتكرار عبارة بهلوانية أخرى هي “أزول ولن نزول”، وتنظيم بعض المهرجانات الأمازيغية الفولكلورية ذات المضمون الثقافي البدائي المتكلس المتحجر الانطوائي الأقلياتي، فإننا لا نرى أي سلوك شعبي ولا نخبوي يبشر باستفاقة سياسية وحضارية ولغوية وقومية أمازيغية في المغرب والجزائر وبقية الدول الأمازيغية.
فغالبية الأمازيغ (على ما يبدو) فهموا هويتهم الأمازيغية القومية فهما فولكلوريا أقلياتيا ساذجا كما نلاحظ من تدويناتهم الغبية الساذجة على الإنترنت ومن فيديوهاتهم. ولهذا السبب مثلا لا ينزعج الأمازيغ إطلاقا إلى حد الآن في 2024 من عضوية المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا في “جامعة الدول العربية”. ولا ينزعج الأمازيغ إطلاقا من عضوية المغرب وتونس وموريتانيا في “منظمة الدول الفرنكوفونية”. ولا يهتم الأمازيغ بتاتا بالاحتلال الإسباني لأراضي مغربية وجزر مغربية (مليلية وسبتة و 22 جزيرة مغربية أمازيغية) واحتلال إسبانيا سواحل مغربية أمازيغية شاسعة في البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
أما تنازل الملك المغربي السفاح المقبور الحسن الثاني عام 1976 لصالح إسبانيا عن جزر الكناري الأمازيغية فهو أمر لا يهم “الأمازيغ الأحرار” وأغلبهم لم يبلغهم خبره إلى الآن.
وكذلك فإن تهاون الطاغية الملياردير الملك المغربي محمد السادس أمام الإحتلال الإسباني لمدن مليلية وسبتة وجزر الشمال المغربي هو أمر لا يكترث له “الأمازيغ الأحرار” بتاتا.
فأغلب الأمازيغ فهموا هويتهم فهما فولكلوريا ساذجا محصورا في الراية والأغاني ومسلسلات التلفزة الأمازيغية الفولكلورية والأهازيج القروية، ولا تزعجهم “سياسة التعريب والفرنسة” ولا الاحتلال الإسباني ولا التطبيع المغربي مع الاحتلال الإسباني ولا تبعية الدول الأمازيغية للعرب وفرنسا وإسبانيا ولا الإفلاس السياسي في بلدهم.
6) الحل: التمزيغ اللغوي والسياسي بتأسيس الجمهورية الأمازيغية المغربية والجمهورية الأمازيغية الجزائرية:
عندما تقول لأحد هؤلاء “الأمازيغ الأحرار” الشجعان الأشاوس: لماذا لا تطالب بانسحاب دولتك الأمازيغية من جامعة الدول العربية ومن منظمة الدول الفرنكوفونية؟
فسيرد عليك إما بهذه البلاهة: دولنا ليست أمازيغية بعد، يجب تأسيس دولة ثامازغا العظمى أولا!
أو سيرد عليك بهذه التفاهة: أنا لست مغربيا/أنا لست جزائريا؟ أنا ريفي / أنا أطلسي / أنا شلح / أنا قبايلي / أنا شاوي / أنا طوارقي وأريد الاستقلال عن “العرب” في الجزائر العاصمة أو في الرباط العاصمة. وأريد تأسيس دويلة مستقلة خاصة بقبيلتي المجيدة الرائعة!
فهؤلاء “الأمازيغ الأحرار” إما يريدون إنشاء إمبراطورية أمازيغية عملاقة خرافية ديناصورية اسمها ثامازغا يقارب حجمها حجم أمريكا أو أستراليا، وإما يريد كل واحد منهم دويلة قبلية ميكروسكوبية في قبيلته الأمازيغية المجيدة الرائعة طولها وعرضها بضع مئات من الأمتار ليتفاخر بها على القبيلة المجاورة له.
المهم هو أن صاحبنا “الأمازيغي الحر” غير مهتم بالعالم الواقعي، وإنما ميدانه المفضل هو إما فانتازيا امبراطورية ثامازغا العظمى وإما فانتازيا دويلة قبيلته الميكروسكوبية.
أما أن يفعل شيئا على أرض الواقع تجاه النظام العروبي الفرنكوفوني المغربي أو الجزائري من أجل إسقاطه أو محاربة سياساته الخبيثة مثل “سياسة التعريب والفرنسة” وسياسات التفقير والتجهيل والنهب فهذا أمر لا يدخل في نطاق اهتمامات بطلنا “الأمازيغي الحر”.
والأمازيغ اليوم وصلت شدة انهزاميتهم إلى حد أنهم أصبحوا يلتمسون شتى الأعذار للتعريب وللفرنسة والفرنكوفونية وللاستعمار الفرنسي والإسباني والعربي والإسلامي والعثماني التركي والبعثي وللنظامين الحاكمين الخبيثين الملكي المغربي والعسكري الجزائري وللإخوان وللدواعش ولفلسطين ولإسرائيل وللاحتلال الإسباني لأراضي المغرب.
لا يجرؤ الأمازيغ (“الأحرار” كما يزعمون) على مجرد المطالبة بانسحاب دولهم من جامعة الدول العربية (نادي مستعمرات الإمبراطورية الأموية) ومن منظمة الدول الفرنكوفونية (نادي مستعمرات فرنسا).
أصبح الأمازيغ يقبلون بهويات أجنبية في دساتيرهم كما في الدستور المغربي لعام 2011 الذي يزعم أن هوية المغرب خليط مضحك من ثمانية شعوب (عربية، إسلامية، أمازيغية، صحراوية حسانية، أندلسية، عبرية، متوسطية، أفريقية!!!)، وكما في دستور الجزائر الذي يزعم أن الجزائر عربية إسلامية أمازيغية، وكما في الدستور التونسي الذي أقحم فلسطين في الوظائف الدستورية للدولة التونسية!
الاستعمار اللغوي العربي الفرنسي المفضوح يسميه الأمازيغ الآن: غنيمة وانفتاح!
المشكل ليس في الواقع المتعفن للأمازيغ، فهو قابل للتغيير إذا توفرت الإرادة الشعبية. المشكل الآن هو أن الأمازيغ أصبحوا يتفننون في شرعنة الواقع المتعفن ويتفننون في إقناع أنفسهم بفضائل الاستسلام والانبطاح والانفتاح.
الحل هو التمزيغ.
يجب أن نطبق مشروعا وطنيا تمزيغيا سياسيا لغويا متكاملا يقدم حلولا حاسمة للمشكل السياسي الاقتصادي والمشكل اللغوي في المغرب والجزائر وبقية البلدان الأمازيغية.
أما النزعات الانفصالية والانعزالية الجهوية الريفية والأطلسية والقبايلية والشاوية والشلحية/السوسية والصحراوية فهي محاولات ساذجة غبية قزمية فاشلة للتفاوض مع النظامين المغربي والجزائري. وهي لا تستحق أي وقت منا لأنها مبنية على نعرات قبلية جهوية بدائية ولأنها تروج شعوبا مزورة مفبركة “ريفية، أطلسية، قبايلية، شاوية، شلحية/سوسية، صحراوية” مضحكة مشتقة من كلمات أجنبية!
فكلمات “الريف” و”القبائل” و”الشاوية” و”الأطلس” و”الشلح” و”سوس” و”الصحراوي” هي كلها كلمات أجنبية عن الأمازيغ وأجنبية عن اللغة الأمازيغية. وهذه الكلمات الأجنبية التصقت بالأمازيغ بتأثير قديم أو حديث من أجانب وافدين أو بتأثير من أمازيغ مستعربين ومتأسلمين. وبسبب الاحتلال الأوروبي الحديث وما تمخض عنه من اضطرابات سياسية واجتماعية ولغوية في المجتمعات الأمازيغية ظهرت وراجت هذه التقسيمات الكولونيالية الاستعمارية الشاذة الغريبة (“الريف” و”القبائل” و”الشاوية” و”الأطلس” و”الشلوح” و”سوس” و”الصحراوي”) كشعوب مفبركة بديلة يتبناها الانفصاليون الساخطون على الدولة الدكتاتورية المهلهلة المبهدلة التي تركها الاستعمار خلفه في الرباط والجزائر العاصمة.
وبسبب كثرة سماع تلك الأسماء الكولونيالية الاستعمارية الشاذة الغريبة المفبركة فقد أصبح كثير من الأمازيغ المخدوعين يقدسونها ويصنعون منها شعوبا جهوية وهويات وقوميات مفبركة بديلة للقومية الأمازيغية.
ويحاول بعضهم بناء مشاريع دول انفصالية على أساس تلك الشعوب المفبركة المبنية على كلمات أجنبية (“الريف” و”القبائل” و”الشاوية” و”الأطلس” و”الشلوح” و”سوس” و”الصحراويون”).
وأما أحلام دولة ثامازغا العظمى الخرافية الأسطورية فهي لا تختلف إطلاقا عن أحلام المسلمين في بناء الخلافة الإسلامية العربية التعريبية الإمبراطورية الخرافية العالمية الأسطورية العظمى من إندونيسيا إلى طنجة بل وعلى الكرة الأرضية كلها. فكلها أحلام إمبراطورية ماضوية رومانسية مخبولة لا معنى لها على أرض الواقع.
الحل المنطقي هو التمزيغ اللغوي والسياسي بالنضال السياسي الشعبي لتحويل دولة العصابة التعريبية الفرنكوفونية إلى دولة أمازيغية وطنية دون تقسيمها:
–         يجب تحويل “المملكة المغربية” التعريبية الفرنكوفونية إلى “الجمهورية الأمازيغية المغربية”.
–         يجب تحويل “الجمهورية الجزائرية” التعريبية الفرنكوفونية إلى “الجمهورية الأمازيغية الجزائرية”.
الحل المنطقي هو إسقاط وتغيير أنظمة الدول الموجودة أصلا (المغرب، الجزائر…) بالثورة الشعبية وليس خلق دول خيالية جديدة انفصالية قزمية أو إمبراطورية عملاقة من الصفر.
هنالك فرق بين “النظام الحاكم” و”الدولة”.
“النظام الحاكم” هو الدكتاتور وعائلته وعصابته وكبار قادته وكهنته وشيوخه ومشعوذيه ويمكن إسقاطهم بسهولة في يوم واحد بثورة شعبية.
أما “الدولة” فهي جهاز ضخم من ملايين الموظفين ومئات آلاف الجنود وعشرات آلاف المباني وآلاف المؤسسات العمومية. ولا يمكن إسقاط الدولة وإنما يمكن إصلاحها تدريجيا بالعملية السياسية الجمهورية الديمقراطية البطيئة عبر عشرات السنين من العمل الشاق والانتخابات الشفافة واليقظة الشعبية.
إذن يجب إسقاط النظام الحاكم.
أما الدولة فلا يجب إسقاطها لأنه لا يمكن إسقاطها.
والتمزيغ اللغوي والحضاري لن يبدأ ولن ينجح إلا بعد اتحاد الأمازيغ كل في بلده على حدة على هدف وطني واحد هو إسقاط النظام الحاكم التعريبي الفرنكوفوني الخبيث، أي: النظام المغربي الملكي التعريبي الفرنكوفوني والنظام الجزائري العسكري التعريبي الفرنكوفوني.
إن أحلام توحيد المغرب والجزائر في دولة أمازيغية عظمى مجرد مضيعة للوقت. فالمغرب والجزائر بلدان ضخمان جدا من حيث المساحة وعدد السكان، ويستحيل توحيدهما بدون جيش عسكري جبار خرافي أسطوري الحجم والتسليح يغزوهما ويغلبهما معا. والدولتان المغربية والجزائرية ضخمتان ومعقدتان جدا من حيث البنية البيروقراطية الإدارية والبنية الاقتصادية. ولا يجب مضاعفة التعقيد بتعقيد أكبر منه.
والقاعدة العامة هي أنه كلما تضخمت الدولة جغرافيا وسكانيا وبيروقراطيا إلا وتضاعفت مشاكلها وتعقيداتها. فلهذا السبب مثلا نجد أن مشاكل أمريكا الداخلية أكثر تعقيدا بالمقارنة مع مشاكل ألمانيا الداخلية. ومشاكل ألمانيا الداخلية أكثر تعقيدا بالمقارنة مع مشاكل سويسرا الداخلية.
إذن: توحيد المغرب والجزائر بشكل سلمي في دولة واحدة هو مجرد حلم مكلف ماديا وشبه مستحيل تقنيا.
وإنما يجب على المغاربة أن يتحدوا داخل بلدهم من أجل إسقاط النظام الملكي الفاسد المفسد وتأسيس  “الجمهورية الأمازيغية المغربية”.
ويجب على الجزائريين أن يتحدوا داخل بلدهم من أجل إسقاط النظام العسكري الفاسد المفسد وتأسيس  “الجمهورية الأمازيغية الجزائرية”.
ولا بأس من تأسيس تنسيق أو تعاون بين المعارضين المغاربة والمعارضين الجزائريين بهدف إسقاط النظامين الملكي المغربي والعسكري الجزائري. ولكن المغرب والجزائر سيبقيان دولتين جمهوريتين مستقلتين غير قابلتين للصهر والتوحيد.
وهذه الدولة الجمهورية الأمازيغية المغربية و الدولة الجمهورية الأمازيغية الجزائرية هي التي ستكون قادرة على البدء في مشاريع إغاثة الجائعين وتشغيل العاطلين وعلاج المسقومين و إصلاح الاقتصاد وضمان كافة الحريات التعبيرية والسياسية وتوزيع الثروات وإنقاذ اللغة الأمازيغية من الفرنسة والتعريب والتخريب بتطبيق سياسة التمزيغ اللغوي الشامل.

🇺🇸 https://www.amazon.com/dp/B0BLYDD4VL

🇺🇸 https://www.amazon.com/dp/B0CZXT7CFY

🇫🇷 https://www.amazon.fr/dp/9403679425

🇫🇷 https://www.amazon.fr/dp/B0CZXT7CFY

🇪🇸 https://www.amazon.es/dp/B0BLYDD4VL

🇪🇸 https://www.amazon.es/dp/B0CZXT7CFY

🇳🇱 🇧🇪 https://www.amazon.nl/dp/B0BLYDD4VL

🇳🇱 🇧🇪 https://www.amazon.nl/dp/B0CZXT7CFY

🇩🇪 https://www.amazon.de/dp/B0BLYDD4VL

🇩🇪 https://www.amazon.de/dp/B0CZXT7CFY

🇮🇹 https://www.amazon.it/dp/B0BLYDD4VL

🇮🇹 https://www.amazon.it/dp/B0CZXT7CFY

🇬🇧 https://www.amazon.co.uk/dp/B0BLYDD4VL

🇬🇧 https://www.amazon.co.uk/dp/B0CZXT7CFY

🇨🇦 https://www.amazon.ca/dp/B0BLYDD4VL

🇨🇦 https://www.amazon.ca/dp/B0CZXT7CFY

🇦🇺 https://www.amazon.com.au/dp/B0BLYDD4VL

🇦🇺 https://www.amazon.com.au/dp/B0CZXT7CFY

🇦🇪 https://www.amazon.ae/dp/B0BLYDD4VL

7 thoughts on “أيها الأمازيغ المخدوعون.. الفرنسية ليست غنيمة حرب بل ضريبة حرب

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *